ٱلْأَسَدُ وَٱلثَّوْرُ: قِصَّةٌ مِنْ كَلِيلَةَ وَدِمْنَةَ
فِي زَمَانٍ بَعِيدٍ، كَانَ هُنَاكَ أَسَدٌ يَعِيشُ فِي غَابَةٍ عَظِيمَةٍ، يَحْكُمُهَا بِقُوَّتِهِ وَهَيْبَتِهِ. وَكَانَ لِلْأَسَدِ وُزَرَاءُ مِنَ ٱلْحَيَوَانَاتِ، أَقْرَبُهُمْ إِلَيْهِ ٱلثَّعْلَبُ ٱلْمَاكِرُ ٱلَّذِي يُدْعَى "دِمْنَةُ".
وَفِي يَوْمٍ مِنَ ٱلْأَيَّامِ، قَدِمَ ثَوْرٌ ضَخْمٌ إِلَى تِلْكَ ٱلْغَابَةِ بَعْدَ أَنْ أَضَلَّ طَرِيقَهُ، فَأَحْسَنَ ٱلْأَسَدُ إِلَيْهِ وَصَارَ صَدِيقًا لَهُ، يُؤَانِسُهُ وَيَتَحَادَثُ مَعَهُ كُلَّ يَوْمٍ. وَمَعَ ٱلْوَقْتِ، أَصْبَحَ ٱلثَّوْرُ مُقَرَّبًا جِدًّا مِنَ ٱلْأَسَدِ.
مَكْرُ دِمْنَةَ
لَمْ يُعْجِبْ هَذَا ٱلْوُدُّ ٱلثَّعْلَبَ "دِمْنَةَ"، فَقَدْ خَافَ أَنْ يَفْقِدَ مَكَانَتَهُ عِنْدَ ٱلْأَسَدِ، فَبَدَأَ يُدَبِّرُ ٱلْمَكْرَ. ذَهَبَ إِلَى ٱلْأَسَدِ وَقَالَ لَهُ بِصَوْتٍ مُتَخَافِتٍ: "يَا مَوْلَايَ، إِنِّي أَخْشَى أَنْ يَكُوْنَ هَذَا ٱلثَّوْرُ يُخَطِّطُ لِخِيَانَتِكَ، فَقَدْ سَمِعْتُهُ يَتَحَدَّثُ مَعَ نَفْسِهِ عَنْ قُوَّتِهِ وَعَزْمِهِ."
وَذَهَبَ "دِمْنَةُ" بَعْدَهَا إِلَى ٱلثَّوْرِ، وَقَالَ لَهُ: "إِيَّاكَ أَنْ تَغْتَرَّ بِصُحْبَةِ ٱلْأَسَدِ، فَإِنِّي سَمِعْتُهُ يَتَوَعَّدُكَ فِي ٱلْخَفَاءِ، وَيُخَطِّطُ لِقَتْلِكَ."
ٱلْوَقِيعَةُ بَيْنَ ٱلصَّدِيقَيْنِ
وَبِتِلْكَ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلْمُسَمَّمَةِ، أَدْخَلَ "دِمْنَةُ" ٱلشَّكَّ فِي قَلْبِ ٱلْأَسَدِ وَٱلثَّوْرِ مَعًا. فَأَصْبَحَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَنْظُرُ إِلَى ٱلآخَرِ بِرِيبَةٍ وَحَذَرٍ، حَتَّى تَصَاعَدَ ٱلْخَوْفُ وَتَحَوَّلَ إِلَى عَدَاوَةٍ سَافِرَةٍ.
وَفِي يَوْمٍ عَاصِفٍ، وَقَعَ ٱلْقِتَالُ بَيْنَ ٱلْأَسَدِ وَٱلثَّوْرِ، فَقَتَلَ ٱلْأَسَدُ ٱلثَّوْرَ بَعْدَ صِرَاعٍ طَوِيلٍ، وَنَدِمَ كَثِيرًا بَعْدَ فَوَاتِ ٱلْأَوَانِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ ذٰلِكَ كَانَ مَكِيدَةً مِنْ وَزِيرِهِ ٱلْمَاكِرِ.
ٱلْعِبْرَةُ مِنَ ٱلْقِصَّةِ
تُعَلِّمُنَا هٰذِهِ ٱلْحِكَايَةُ أَنَّ ٱلنَّمِيمَةَ تُفْسِدُ ٱلصَّدَاقَاتِ وَتُحَوِّلُ ٱلْمَحَبَّةَ إِلَى بَغْضَاءٍ، وَأَنَّ ٱلثِّقَةَ ٱلْمُطْلَقَةَ بِدُونِ تَثَبُّتٍ قَدْ تَكُونُ بَابًا لِلْهَلَاكِ.
- ٱلْحَذَرُ مِنْ أَصْحَابِ ٱلنَّمِيمَةِ وَٱلْفِتْنَةِ.
- ٱلتَّثَبُّتُ قَبْلَ ٱلْحُكْمِ عَلَى ٱلأَصْدِقَاءِ.
- ٱلصَّدَاقَةُ نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ تَحْتَاجُ إِلَى ٱلْحِفَاظِ.
أَسْئِلَةٌ لِلْفَهْمِ وَٱلتَّفْكِيرِ
- مَا ٱلسَّبَبُ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلأَسَدَ وَٱلثَّوْرَ يَتَعَادَيَانِ؟
- كَيْفَ ٱسْتَطَاعَ ٱلثَّعْلَبُ "دِمْنَةُ" أَنْ يُفْسِدَ ٱلصَّدَاقَةَ؟
- مَا ٱلْعِبْرَةُ ٱلَّتِي تَسْتَفِيدُهَا مِنْ هٰذِهِ ٱلْقِصَّةِ؟
خَاتِمَةٌ
إِنَّ ٱلصَّدَاقَةَ كَالْجَوْهَرِ ٱلنَّفِيسِ، إِذَا دَخَلَتْهَا ٱلرِّيَبُ وَٱلظُّنُونُ ٱلْفَاسِدَةُ فَسَدَتْ. فَلْنَحْذَرْ دَائِمًا مِمَّنْ يُشْعِلُ ٱلْفِتَنَ بَيْنَنَا، وَلْنَتَثَبَّتْ قَبْلَ أَنْ نَحْكُمَ عَلَى أَصْدِقَائِنَا.