الصِّدْقُ أَسَاسُ الثِّقَةِ

كَانَ يَا مَا كَانَ، فِي قَدِيمِ الزَّمَانِ، وَلَدٌ صَغِيرٌ يَبْلُغُ مِنَ العُمْرِ ثَمَانِيَ سَنَوَاتٍ، يُدْعَى سَمِيرًا.

كَانَ سَمِيرٌ وَلَدًا فَطِنًا، فَضُولِيًّا، يُحِبُّ اسْتِكْشَافَ العَالَمِ مِنْ حَوْلِهِ.

اِكْتِشَافُ الكَذِبِ

فِي يَوْمٍ مِنَ الأَيَّامِ، بَيْنَمَا كَانَ سمير يَلْعَبُ فِي حَدِيقَةِ بَيْتِهِ، سَمِعَ صَوْتًا غَرِيبًا يَصْدُرُ مِنْ بَيْتِ الجِيرَانِ. فَتَمَالَكَهُ الفَضُولُ، وَقَرَّرَ أَنْ يَعْرِفَ مَا الَّذِي يَحْدُثُ.

وَلَمَّا اقْتَرَبَ، رَأَى لَيْلَى، فَتَاةً صَغِيرَةً، جَالِسَةً عَلَى عَتَبَةِ البَيْتِ وَهِيَ تَبْكِي.
فَتَقَدَّمَ مِنْهَا وَسَأَلَهَا:
«مَا بِكِ؟ لِمَاذَا تَبْكِينَ؟»

نَظَرَتْ إِلَيْهِ لَيْلَى بِحُزْنٍ وَقَالَت:
«أَنَا غَاضِبَةٌ مِنْ أَخِي الكَبِيرِ… هُوَ كَذَبَ عَلَيَّ، وَلَا أَدْرِي مَاذَا أَفْعَلُ.»

فَطَلَبَ مِنْهَا سَمِيرٌ أَنْ تَحْكِيَ لَهُ مَا حَدَثَ، فَقَالَتْ لَهُ:
إِنَّ أَخَاهَا وَعَدَهَا أَنْ يَأْخُذَهَا إِلَى الحَدِيقَةِ لِلَّعِبِ، لَكِنَّهُ تَرَكَهَا وَحْدَهَا فِي البَيْتِ.

فَهَمَّ سَمِيرٌ حُزْنَهَا، وَعَلِمَ أَنَّ كَذِبَ أَخِيهَا قَدْ جَرَحَهَا.
فَقَالَ لَهَا بِلُطْفٍ:
«لَا تَحْزَنِي، سَأَتَحَدَّثُ مَعَ أَخِيكِ وَأُفَهِّمُهُ أَنَّ الكَذِبَ يَجْرَحُ الوَاحِدَ مِنَّا.»

فَابْتَسَمَتْ لَيْلَى لَهُ وَقَالَتْ:
«شُكْرًا لَكَ.»

 المُوَاجَهَة

ذَهَبَ سَمِيرٌ إِلَى بَيْتِ لَيْلَى وَأَخِيهَا، وَطَرَقَ البَابَ، فَفَتَحَ لَهُ الأَخُ الكَبِيرُ.
طَلَبَ مِنْهُ سَمِيرٌ بِأَدَبٍ أَنْ يَتَحَدَّثَا، فَدَعَاهُ الأَخُ إِلَى غُرْفَتِهِ.

بَدَأَ سَمِيرٌ يَشْرَحُ لَهُ لِمَاذَا يَكُونُ الكَذِبُ مُؤْذِيًا.
حَكَى لَهُ مَا فَعَلَهُ بِأُخْتِهِ لَيْلَى، وَكَيْفَ تَمَّ جَرْحُهَا.

اِسْتَمَعَ الأَخُ الكَبِيرُ بِاِنْتِبَاهٍ، وَبَدَأَ يَدْرِكُ مَعْنَى الصِّدْقِ.

فَقَالَ لَهُ سَمِير:
«حِينَ نَكْذِبُ، نَفْقِدُ ثِقَةَ الآخَرِينَ. وَالصِّدْقُ هُوَ مَا يَجْعَلُ العَلَاقَاتِ جَمِيلَةً وَقَوِيَّةً.»

طَأْطَأَ الفَتَى رَأْسَهُ، وَاعْتَرَفَ أَنَّهُ تَصَرَّفَ بِأَنْانِيَّةٍ.

تَعَلُّمُ الصِّدْق

اِقْتَرَحَ سَمِيرٌ عَلَى الأَخِ الكَبِيرِ أَنْ يُصَالِحَ لَيْلَى، وَأَنْ يَقُولَ لَهَا الحَقِيقَةَ.
وَشَرَحَ لَهُ أَنَّ هَذَا سَيُصْلِحُ مَا تَكَسَّرَ بَيْنَهُمَا.

وَفِعْلًا، ذَهَبَا مَعًا إِلَى لَيْلَى.
فَحَكَى لَهَا سَمِيرٌ مَا فَهِمَهُ أَخُوهَا، وَكَيْفَ هُوَ نَادِمٌ.

تَأَثَّرَتْ لَيْلَى بِاعْتِذَارِ أَخِيهَا، وَسَامَحَتْهُ.

 الدَّرْسُ الَّذِي يَجِبُ اِسْتِيعَابُهُ

جَلَسُوا جَمِيعًا، وَتَحَدَّثُوا عَمَّا تَعَلَّمُوهُ.
اِعْتَرَفُوا أَنَّ الكَذِبَ لَا يُصْلِحُ شَيْئًا، بَلْ يُؤْذِي وَيُحْزِنُ.

وَقَالَ سَمِير:
«حِينَ نَقُولُ الحَقِيقَةَ، نَشْعُرُ بِالرَّاحَةِ مِنْ دَاخِلِنا. وَبِالصِّدْقِ نَبْنِي صَدَاقَاتٍ قَوِيَّةً.»

وَشَكَرَ الأَخَوَانِ سَمِيرًا، وَوَعَدَا أَنْ يَكُونَا صَادِقَيْنِ دَائِمًا.

صَدِيقٌ جَدِيد

مُنْذُ ذَلِكَ اليَوْمِ، أَصْبَحَ سَمِيرٌ صَدِيقًا قَرِيبًا لِلَيْلَى وَلِأَخِيهَا.
وَلَعِبُوا مَعًا، وَقَضَوْا لَحَظَاتٍ جَمِيلَةً.

وَتَعَلَّمَ سَمِيرٌ دَرْسًا كَبِيرًا:
أَنَّ الصِّدْقَ هُوَ أَسَاسُ الصَّدَاقَةِ وَالمَحَبَّةِ.

أَمَّا الكَذِبُ؟
فَلَا يَجْلِبُ إِلَّا الحُزْنَ وَفُقْدَانَ الثِّقَةِ.

وَعَاشُوا بَعْدَ ذَلِكَ سُعَدَاءَ، يَتَقَاسَمُونَ الأَسْرَارَ بِثِقَةٍ، دُونَ أَنْ يَكْذِبَ أَحَدُهُمْ عَلَى الآخَرِ.

قاموس الكلمات

الصِّدْقُ: قَوْلُ الحَقِّ دُونَ تَغْيِيرٍ.

الثِّقَةُ: الاعْتِمَادُ عَلَى شَخْصٍ لِأَنَّهُ صَادِقٌ.

الْفَضُولُ: الرَّغْبَةُ فِي مَعْرِفَةِ مَا يَحْدُثُ.

يُصَالِحُ: يُحَاوِلُ إِصْلَاحَ مَا تَلَفَ بَيْنَ شَخْصَيْنِ.

أسئلة وأجوبة

لماذا كانت ليلى حزينة؟

لأن أخاها وعدها بالذهاب إلى الحديقة ثم تركها في البيت، فشعرت بالحزن لأن وعده لم يتحقق.

ماذا فعل سمير عندما رأى ليلى تبكي؟

اقترب منها، استمع لقصتها، ووعدها أن يتكلم مع أخيها ليشرح له أن الكذب يؤذي.

ما الدرس الذي تعلمناه من القصة؟

أن الصدق يبني الثقة، والكذب يجرح المشاعر ويكسر العلاقات.

نُحبُّ السماعَ منك!

هل أعجبتك القصة؟ شاركنا موقفًا تعلمت فيه قيمة الصدق أو اكتب تعليقًا صغيرًا لتشجع الأطفال على قول الحقيقة.

اقتراح: اطلب من طفلك أن يذكر ثلاث طرق يمكن أن نُظهر بها الصدق يوميًا.