زيد وحكاية التنمّر: من الألم إلى التفاهم

زيد وحكاية التنمّر: من الألم إلى التفاهم زيد وحكاية التنمّر: من الألم إلى التفاهم في مدرسة ابتدائية هادئة، كان زيد طفلًا هادئًا يحبّ القراءة والرسم، لكنّ…

زيد وحكاية التنمّر: من الألم إلى التفاهم
المؤلف team
زيد وحكاية التنمّر: من الألم إلى التفاهم
زيد وحكاية التنمّر: من الألم إلى التفاهم

زيد وحكاية التنمّر: من الألم إلى التفاهم

في مدرسة ابتدائية هادئة، كان زيد طفلًا هادئًا يحبّ القراءة والرسم، لكنّه كان مختلفًا قليلًا عن بقية زملائه: كان يرتدي نظارة طبية سميكة، ويتحدث بصوت خافت، ويبدو خجولًا. هذا الاختلاف جعل منه هدفًا سهلاً للتنمّر لبعض الطلاب الذين لم يدركوا أثر كلماتهم وسخريتهم.

بداية الألم الخفي

في كل صباح، كان زيد يدخل الفصل مترددًا. ما إن يجلس، حتى يسمع همسات وسخرية خفية: "الذكي النحيف!"، "كم عدسة نظارتك اليوم؟"، "أكيد جبت 10/10 كالعادة يا روبوت!". رغم بساطة الكلمات، إلا أنها كانت تجرحه عميقًا.

زيد لم يكن يشتكي. لكنه كان يعود إلى البيت متعب النفس، لا يتحدث كثيرًا، ولا يرغب بالخروج أو اللعب. لاحظ والده ووالدته هذا التغيّر، فسألاه بلطف، لكنه كان يرد: "أنا بخير... فقط متعب."

لحظة الانهيار

في يومٍ دراسي، وأثناء فترة الراحة، تمادى أحد المتنمّرين، وسكب عصيرًا على كراسات زيد متعمدًا، قائلاً: "لنرَ كم أنت ذكي بعد الآن!". حاول زيد أن يحبس دموعه، لكنه فشل. ركض إلى المكتبة يبكي، وهناك وجدته المعلمة "منى"، واحتضنته بهدوء.

قالت له: "زيد، ما يحدث لك ليس مقبولًا أبدًا. التنمّر ليس خطأك، بل خطأ من يفعله." هدأ قليلاً، وقرر أن يتحدث عمّا يمر به.

مواجهة التحدي

اجتمعت المعلمة مع إدارة المدرسة ونفذت برنامجًا توعويًا بعنوان: لنقف ضد التنمّر. شارك فيه كل الطلبة، وشاهدوا أفلامًا قصيرة، وقرأوا قصصًا، وتحدثوا بصراحة عن تجاربهم. طُلب من كل طالب كتابة رسالة إلى شخص شعر أنه ظلمه أو تنمّر عليه.

تفاجأ زيد بأن أحد المتنمّرين كتب له رسالة اعتذار قال فيها: "لم أكن أعلم أنني أؤذيك حقًا... أنا آسف يا زيد. كنت أحاول لفت الأنظار بطريقة خاطئة." شعر زيد بالارتياح، وبدأ يرى زملاءه يتعاملون معه بلطف أكثر.

تحوّل في السلوك والمواقف

أصبحت بيئة الفصل أكثر دعمًا وتشجيعًا. أُطلقت مبادرة "صديق الأسبوع"، حيث يُكافأ الطالب الذي يُظهر تعاطفًا واحترامًا لزملائه. وفاز بها زيد مرتين خلال شهر. لم يكن هذا بفضل درجاته، بل بفضل لطفه وسعة صدره ومساعدته للآخرين.

بدأ يشارك في الأنشطة، وألقى كلمة في الإذاعة المدرسية بعنوان "التنمّر ليس شجاعة، بل ضعف مستتر"، وصفق له الجميع، حتى أولئك الذين كانوا يؤذونه سابقًا.

دور الأهل والمعلمين

والدا زيد كانا داعمين بصمت، يسألان ويستمعان دون ضغط. كانت أمه تردد عليه: "يا بني، المختلف هو من يصنع التميّز، لا من يتبع الآخرين." أما والده فشجّعه على الرسم والتعبير، وساعده في نشر أول كُتيب مصور صغير رسمه بنفسه، بعنوان: "لنكن أصدقاء".

أما المعلمة منى، فصارت تدمج موضوعات عن التعاطف والمشاعر في دروس اللغة والتربية الاجتماعية، وتحرص على تعزيز بيئة الفصل ليكون فيه كل طالب آمنًا ومسموعًا.

الدروس المستفادة من قصة زيد

  • التنمّر ليس مزحة، بل ألم صامت يمكن أن يدمّر الثقة بالنفس.
  • الاختلاف ليس عيبًا، بل هو ما يجعل كل شخص مميزًا.
  • التعاطف قوة، ومن يدعم غيره هو الأقوى دائمًا.
  • المدرسة ليست فقط للتعليم، بل لبناء القيم والكرامة.

أسئلة للنقاش والتأمل

  1. هل شهدت من قبل حالة تنمّر؟ كيف كان شعورك؟
  2. كيف يمكن لكل منا أن يكون جزءًا من الحل لا من المشكلة؟
  3. ما هو التصرف الصحيح عند رؤية شخص يتعرض للتنمّر؟
  4. كيف نساعد المتنمّرين أنفسهم ليغيروا سلوكهم؟

خاتمة

قصة زيد تُذكرنا بأن وراء كل صمت قصة، ووراء كل ابتسامة مكسورة ألم خفي. التنمّر لا مكان له في بيئة التعلم، ولا في أي مجتمع سويّ. فلنعمل جميعًا — كطلاب، وأهل، ومعلمين — على نشر الرحمة والاحترام، فهما أساس المجتمع الراقي والناجح.

تعليقات

عدد التعليقات : 0