الثعلب والديك الحكيم – قصة عن الذكاء والمكر
في صباحٍ مشرق من أيام الخريف، كانت حديقة المزرعة تملؤها رائحة الزهور وعبير الأشجار. استيقظت الطيور مبكرًا، وبدأت زقزقتها ترنّ في الأجواء. وكان الديك، صاحب الصوت الجميل، يقف كعادته كل يوم على أعلى غصن في شجرة التوت، يغنّي أغنيته الصباحية معلنًا بداية يوم جديد.
في هذه الأثناء، كان هناك من يسترق السمع ويختبئ خلف شجيرة صغيرة قرب الحديقة. إنه الثعلب الماكر، الذي شعر بجوع شديد جعله يفكّر في وجبة شهية... ووقع اختياره على الديك.
تقدّم الثعلب بخطوات هادئة، وعيناه تلمعان بالطمع، حتى وصل أسفل الشجرة. ثم نادى بصوت ناعم مصطنع:
"أيها ديك الجميل، يا صاحب الصوت الذهبي، كم اشتقت لسماعك عن قرب! لدي خبر سار لك ولكل الطيور."
توقف الديك عن الغناء، ونظر إلى الأسفل، فرأى الثعلب. لم يُجبه مباشرة، بل بدأ يفكر بحذر، فهو يعلم أن الثعلب لا يقترب من أحد إلا وله غرض خبيث.
رسالة مزعومة من الغابة
قال الثعلب بصوته المخادع: "لقد اجتمعت جميع حيوانات الغابة أمس، واتفقنا على أن نعيش بسلام. لا أحد يأكل أحدًا بعد اليوم! الكل متساوون في الحقوق. جئتُ اليوم فقط لأعانقك يا صديقي!"
ابتسم الديك في داخله، لكنه لم يُظهر شكّه. فقال له: "هذا أمر مفرح يا ثعلب، ولكن... هل أخبرت الكلاب أيضًا بهذا الاتفاق؟"
تفاجأ الثعلب وتراجع خطوة، ثم قال مرتبكًا: "الكلاب؟! أي كلاب؟!"
ردّ الديك قائلاً: "أراها قادمة من بعيد، ربما سمعت باتفاق السلام وتريد الاحتفال معنا!"
وما إن سمع الثعلب كلمة "الكلاب" حتى هرب مسرعًا دون أن ينظر خلفه، تاركًا الغبار خلفه، وهو يردد: "نسيت أن أبلغهم، سأعود لاحقًا!"
انتصار الحكمة على المكر
ضحك الديك ضحكة هادئة، وقال لنفسه: "لو كنت ساذجًا، لكنت الآن فريسة سهلة في معدة الثعلب. لكن الحكمة أنقذتني كما تفعل دائمًا."
ومنذ ذلك اليوم، أصبح الديك مثالًا يُحتذى به في الغابة. كانت الحيوانات الصغيرة تجلس حوله ليستمعوا إلى قصته، ويتعلموا أن الذكاء خيرٌ من القوة، وأن من يستخدم عقله لا يخشى حتى أذكى الثعالب.
رسائل تربوية من القصة
- فكّر قبل أن تثق: لا تثق بالكلام الجميل قبل أن تتأكد من النوايا.
- الذكاء يحمي صاحبه: الحكمة في التعامل تنجيك من الأخطار.
- لا تستسلم للمظاهر: ليس كل من يتحدث بلطف يريد الخير.
- كن هادئًا في المواقف الصعبة: التفكير بهدوء يعطيك أفضل الحلول.
أسئلة لفهم القصة
- لماذا جاء الثعلب إلى الديك؟
- ما الحيلة التي استخدمها الثعلب لإقناع الديك؟
- كيف تَصرّف الديك بحكمة؟
- ما رأيك في تصرف الثعلب عندما سمع بكلمة "الكلاب"؟
- ما العبرة التي نستفيدها من هذه القصة؟
خاتمة
قصة "الثعلب والديك الحكيم" ليست فقط حكاية مسلية، بل هي درسٌ عظيم للأطفال والكبار. إنها تذكرنا بأن المكر لا يفوز أمام الصدق والعقل، وأن الحكيم يستطيع النجاة من أقوى الأخطار. فكن ذكيًا كديكنا اليوم، ولا تدع الكلمات المعسولة تخدعك.