عَسُو أُوبْسْلَام: أَمْغَارُ أَيتِ عَطَّا وبَطَلُ بُوغَافِر
وُلِدَ عَسُو أُوبْسْلَام (عِيسَى أُو عَلِي نْ آيت بسلام) سَنَةَ 1890م فِي قَصْرِ تَاغِيَا بِجَنُوبِ تِنْغِير، مِنْ قَبِيلَةِ إِلمَشَانْ التَّابِعَةِ لاتِّحادِ أَيتِ عَطَّا. تَرَبَّى فِي بِيئَةٍ جَبَلِيَّةٍ شَاقَّةٍ، لَكِنَّها غَنِيَّةٌ بِقِيَمِ الكَرَامَةِ والْعِزَّةِ. تَوَلَّى الشِّيَاخَةَ بَعْدَ وَفَاةِ والِدِهِ سَنَةَ 1919م، فَصَارَ لَهُ دَوْرٌ فِعَّالٌ فِي مُقَاوَمَةِ التَّوَغُّلِ الفَرَنْسِيِّ فِي صَاغْرُو وَالسَّهْلِ الجَنُوبِيِّ.
ظُرُوفُ المُلَامَحَةِ وَبِدَایَاتُ المَعْرَكَةِ
فِي سَنَةِ 1932م، عِندمَا تَعَاظَمَ التَّوَغُّلُ الفَرَنْسِيُّ نَحْوَ جَنُوبِ المَغرِبِ الشَّرْقِيِّ، اجْتَمَعَتْ قَبائِلُ أَيتِ عَطَّا فِي قَصْرِ تَاغِيَا، وَانْتَخَبُوا عَسُو أُوبْسْلَام زَعِيمًا عَامًّا لِلْمُقَاوَمَةِ، رَافِضِينَ أَيَّ تَوَاطُؤٍ مَعَ وَسَاطَةِ “الكْلَاوي” أو أَيِّ مَلْكٍ مَوَالٍ لِلفَرَنْسِيسِ.
مَعْرَكَةُ بُوغَافِر (فِبْرَايِر–مَارِس 1933)
فِي صَبَاحِ 13 فِبْرَايِر 1933م، شَرَعَتْ مُدَامَاتُ المَعْرَكَةِ العُظْمَى فِي جِيَابِلِ صَاغْرُو، بِفَوْقِ 2200 مِتْرٍ. قَسَمَ عَسُو قُوَّاتِهِ (نَحْوَ 5000 مَقاتِلٍ) إلى كَمَائِنَ مَنطِقِيَّةٍ، فَضَاعَفَ الفَرَنْسِيون جُهُودَهُمْ (82000 جُنْدِيٍّ، طَائِرَاتٍ، مِدْفَعِيَّةٍ)، لَكِنَّهُمْ لَمْ يُحَقِّقُوا نَصْرًا شَامِلًا.
- الخَسَائِرُ الفَرَنْسِيَّةُ: نَحوَ 3500 قَتِيلٍ (بما فِي ذَلِكَ 10 ضُبَّاطٍ).
- خَسَائِرُ أَيتِ عَطَّا: حوالي 1300 مَقاوِمٍ، وَنَحوَ 4000 مِنَ النِّساءِ والأَطفالِ وَالشُّيُوخِ.
- الطَّبِيعَةُ العَسِيرَةُ: تضاريس وَعْرَةٌ وَصُخُورٌ وَمَمَرَّاتٌ ضَيِّقَةٌ، اسْتَغَلَّهَا المَقاوِمُونَ بِكُلِّ حِرْكَةٍ وَمُيَاكَرَةِ.
النُّزُولُ وَشُرُوطُ الهُدْنَةِ
وَفِي نِهَايةِ مَارِس 1933م، تَرَنَّحَتْ القُوَّاتُ مِنَ الحِصارِ والجُوعِ ونَفادِ الذَّخَائِر، فَتَوَجَّهَ عَسُو أُوبْسْلَام إلى التَّفَاوُضِ، وَاشْتَرَطَ كَمِيلَاتٍ تِرْفَعُ مِنَ الكَرَامَةِ:
- المُحَافَظَةُ عَلَى القَضَاءِ العُرْفِيِّ فِي صَاغْرُو.
- رَفَضَ بَسْطَ سُلْطَةِ الكَلّاوي عَلَى المِنْطَقَةِ.
- إِعَادَةُ الأَرَاضِي وَالأَمْوَالِ إلى أَهْلِهَا.
- عَدَمُ إِجْبَارِ النِّساءِ عَلَى "رَقْصَةِ التَّبْجِيل" أَمَامَ الضُّبَّاطِ الفَرَنْسِيسِ.
ما يُسْتَفَادُ مِن القِصَّةِ
- الشَّجَاعَةُ وَالثَّبَاتُ: مُقاوَمَةُ قَوِيَّةٌ بِقَلَّةِ الأَعْدَادِ تُفْضِي إلى فَوْزٍ أخلاقيٍّ قبلَ العسكريّ.
- التَّخْطِيطُ الذَّكِيُّ: استُغِلَّت عددٌ مِنَ الكَمَائِنِ وَالمَسَالكِ الجَبَلِيَّةِ ضدَّ عَدُوٍّ أَقْوَى.
- الكَرَامَةُ أَوَّلًا: رفض الاستسلام الشامل، والتفاوض شَداءً بشروط تحفظ حقوق الإنسان والقبيلة.
- القِيَادَةُ الحَكِيمَةُ: التركيزُ على مصلحةِ الشعب بدلَ الذِّكْرَةِ الفرديّةِ.
أسْئِلَةٌ حَوْل القِصَّةِ
- مَا العَوامِلُ الرَّئِيسِيَّةُ الَّتِي أَدَّتْ إلى ثَبَاتِ مقاوِمَةِ أَيتِ عَطَّا رغم عَدَدِ الجَيْشِ الفَرَنْسِيِّ؟
- كَيْفَ سَاعَدتِ الجِغْرَافِيَا الجَبَلِيَّةُ المَقَاوِمِينَ؟
- لِمَاذَا رَفَضَ عَسُو أُوبْسْلَام رَقْصَةَ التَّبْجِيل؟
- مَا الدُّرُوسُ الَّتِي يُمْكِنُكِ اسْتِلْهَامُها مِن تَجارِبِه؟
خَاتِمَةٌ
تُعَدُّ قصَّةُ عَسُو أُوبْسْلَام ومَوقِفُهُ الشَّجاعُ في مَعْرَكَةِ بُوغَافِر إحدىَ أروعِ مَلاحِمِ المقاومةِ المغربيةِ. لقد أثبت أنَّ الصمودَ والإرادةَ القويةَ قادرةٌ على مُواجهةِ القوّةِ الماديةِ المُفْرِطةِ، وأنَّ الكرامَةَ لا تَخضعُ، بل تُرحَّبُ بالتضحيةِ من أجلها.