الثعلب الماكر والأسد الغادر

في أعماق الغابة الكثيفة، وبين الأشجار العالية، كان الأسد ملك الغابة يعيش في عرينه الكبير. كان في الماضي قويًا ومهابًا، تهرب منه الحيوانات عند سماع زئيره. لكن الزمان تغير، وكبر الأسد في السن، وأصبح أقل نشاطًا، وأحيانًا لا يستطيع الصيد بنفسه.

في أحد الأيام، اشتد عليه الجوع، ولم يتمكن من صيد أي فريسة. جلس يفكر في خطة تُعيد إليه الطعام من دون عناء. وفجأة، خطرت له فكرة خبيثة، وقال في نفسه: "لمَ لا أدّعي المرض، وأنتظر أن تأتي الحيوانات لزيارتي، فأفترس من أستطيع؟"

الأسد يدّعي المرض

نفّذ الأسد خطته على الفور. تمدد داخل عرينه، وتظاهر بالأنين والضعف، وبدأ ينشر الخبر في الغابة بأن "الملك مريض جدًا وعلى شفير الموت". بدأ أصدقاؤه القدامى يأتون لزيارته، فيدخلون العرين بحزن، ولا يخرجون أبدًا!

خافت الحيوانات، وبدأ القلق ينتشر، خاصة بعد أن اختفى الأرنب، والغزال، من دون أي أثر. بدأت الهمسات تتعالى في الغابة، لكن لا أحد تجرأ على مواجهة الأسد.

الثعلب الماكر يشك

كان الثعلب معروفًا بدهائه وذكائه. قرر زيارة الأسد، لكنه كان أكثر حذرًا من غيره. وعندما اقترب من العرين، لاحظ أمرًا غريبًا. نظر إلى الأرض وقال في نفسه:

"كل الآثار تشير إلى دخول الحيوانات إلى العرين... لكن لا يوجد أي أثر للخروج!"

وقف الثعلب عند مدخل العرين، ولم يدخل. صاح بصوت عالٍ: "أيها الملك، سمعت أنك مريض، فجئت أطمئن عليك. كيف حالك؟"

ردّ الأسد بصوت متهدج: "آه يا ثعلب، أنا في حالة يرثى لها، تعال اقترب مني قليلاً، لا أراك جيدًا."

ضحك الثعلب بخبث وقال: "معذرة أيها الملك، لكني أرى آثار أقدام كثيرة تدخل عرينك... ولا أرى أي أثر لمن خرج. لذلك، أفضل أن أطمئن عليك من الخارج!"

الخطة تنكشف

أدرك الأسد أن خطته انكشفت، وزأر بغضب، لكن الثعلب كان قد ركض مبتعدًا بسرعة. ومنذ ذلك اليوم، انتشرت القصة في الغابة، ولم يعد أحد يجرؤ على الاقتراب من عرين الأسد.

أما الثعلب، فأصبح رمزًا للذكاء، وتعلّمت الحيوانات درسًا مهمًا: أن القوة قد تخدع، لكن العقل هو من ينجو بصاحبه.

العبر من القصة

• لا تنخدع بالمظاهر، وتحقق دائمًا قبل أن تثق.
• الذكاء يمكنه إنقاذك من أعتى الأخطار.
• الغدر نهايته الخزي، ولو طال أمده.
• الصديق الحقيقي لا يوقع بك، بل يحذرك.

أسئلة للأطفال

1. لماذا تظاهر الأسد بالمرض؟
2. كيف اكتشف الثعلب خدعة الأسد؟
3. ما العبرة التي خرجت بها من تصرف الثعلب؟
4. هل ترى أن الذكاء أهم من القوة؟ ولماذا؟

خاتمة

في حياتنا كما في الغابة، ليست القوة وحدها هي من تُحدد المصير، بل الحذر، التفكير، والملاحظة الدقيقة. الثعلب الماكر لم يكن الأقوى، لكنه نجا بعقله، وترك درسًا خالدًا لكل من أراد النجاة.