ليلى والعصفور الجريح: دروس في الرحمة والإنسانية
في أحد صباحات الربيع الجميلة، حيث الأزهار تتفتح والنسيم يداعب الأغصان، خرجت الطفلة ليلى إلى الحديقة المجاورة لمنزلها. كانت تبلغ من العمر تسع سنوات، شغوفة بالطبيعة، تحب اللعب في الخارج واستكشاف ما حولها من أسرار صغيرة تخبئها الحقول.
العثور على العصفور
بينما كانت تتنقل بين الأزهار، لفت نظرها صوت خافت، يشبه الأنين. اقتربت بحذر، وإذا بها تجد عصفورًا صغيرًا ملقى على الأرض، أحد جناحيه لا يتحرك. خفق قلبها بحزن، وجثت على ركبتيها، وقالت:
"يا إلهي... ما الذي حدث لك أيها الصغير؟ هل تأذيت؟"
أخذت ليلى العصفور برفق بين يديها، ووضعته في علبة صغيرة مبطّنة بقطعة قماش ناعمة. ثم ركضت إلى والدتها، تحمله ككنز ثمين، وعيونها تدمع من القلق والخوف.
ردة فعل الأسرة
استقبلتها الأم بابتسامة حنونة وقالت: "إنه فعل نبيل يا ليلى. لقد أنقذتِ روحًا صغيرة." ثم قامت بمساعدتها على تنظيف الجرح الصغير باستخدام الماء الفاتر وبعض المطهّر، ولفّت الجناح بقطعة قماش ناعمة حتى يثبت مكانه.
بدأت ليلى برعاية العصفور يوميًا، تطعمه فتات الخبز المبلل، وتضع له الماء، وتحدثه بصوتها الحنون. ومع مرور الأيام، أصبح العصفور أقوى، وبدأ يغرد بصوت خافت كأنه يشكرها.
لحظة الفراق الصعب
بعد مرور أسبوعين من الرعاية والاهتمام، لاحظت ليلى أن العصفور بدأ يحرّك جناحه المصاب. وفي صباح يوم مشرق، فتح العصفور جناحيه وطار إلى أحد فروع الشجرة القريبة.
وقفت ليلى تتابعه بعينين دامعتين. لم يكن سهلاً عليها أن تودّعه، لكنها شعرت بالرضا، فقد أنقذت حياة مخلوق ضعيف، ومنحته فرصة ليعود إلى الطبيعة.
الدرس الذي تعلّمته ليلى
- الرحمة لا تتجزأ: يجب أن نكون رحماء مع كل الكائنات، لا فقط البشر.
- العناية مسؤولية: إنقاذ روح يتطلب صبرًا وتفانيًا.
- الحب لا يعني التملك: ترك العصفور يطير كان أصعب قرار لكنه الأصح.
- الرفق بالحيوان من قيم الإسلام والإنسانية: وهو دليل على رُقي النفس.
أسئلة للفهم والنقاش
- ما الذي دفع ليلى لمساعدة العصفور؟
- ما التصرفات التي قامت بها ليلى وتدلّ على الرحمة؟
- لماذا كان قرار إطلاق العصفور صعبًا على ليلى؟
- كيف يمكننا تطبيق هذا الدرس في حياتنا اليومية؟
خاتمة
قصة ليلى والعصفور الجريح ليست مجرد حكاية للأطفال، بل درس عميق في الرحمة والرعاية وتحمل المسؤولية. في عالم سريع، قد ننسى أن الكائنات الصغيرة تشاركنا الحياة وتستحق عطفنا. لعلّنا جميعًا نصبح مثل ليلى، نمتلك قلبًا يُنقذ، وعينًا تُبصر الألم، ويدًا تُداوي ولو كانت صغيرة.