قطز – بطل عين جالوت

سيف الدين قطز: من العبودية إلى قيادة الأمة وهزيمة المغول في عين جالوت في لحظة من أحلك لحظات التاريخ الإسلامي، حين اجتاح المغول بلاد المسلمين كالإعصار، وأحرقو…

قطز – بطل عين جالوت
المؤلف team
سيف الدين قطز

سيف الدين قطز: من العبودية إلى قيادة الأمة وهزيمة المغول في عين جالوت

في لحظة من أحلك لحظات التاريخ الإسلامي، حين اجتاح المغول بلاد المسلمين كالإعصار، وأحرقوا بغداد، وقضوا على الخلافة العباسية، بزغ نجم قائد شجاع كتب اسمه بأحرف من نور: سيف الدين قطز. قصة قطز ليست مجرد انتصار عسكري، بل ملحمة صمود، وإيمان، وتحدٍ، ونهضة بدأت من قلب المحن.

من هو قطز؟

اسمه الأصلي غير معروف بدقة، لكنه عُرف باسم قطز، وهو مملوك من أصول تركية أو مغولية، أُسِر وهو صغير بعد اجتياح المغول لبلاده، وبِيع في سوق العبيد في دمشق، ثم نُقل إلى مصر، حيث تلقى تربية عسكرية صارمة في القصور المملوكية.

رغم كونه عبدًا، صعد قطز في المراتب حتى أصبح قائدًا في جيش الدولة، ثم نائبًا للسلطان، إلى أن تسلّم الحكم بنفسه في زمن شديد الخطورة، حيث كانت جيوش المغول بقيادة هولاكو قد اجتاحت المشرق الإسلامي، ودمّرت كل من وقف في طريقها.

سقوط بغداد وخطر المغول

في عام 1258م، دخل المغول بغداد، عاصمة الخلافة العباسية، وارتكبوا مجازر مروّعة، قتلوا فيها الخليفة والملايين من المدنيين. ارتجف العالم الإسلامي من هول ما جرى، وسقطت مدن تلو الأخرى أمام الزحف المغولي.

كان هولاكو قد أرسل رسالة تهديد إلى حكام مصر، يطالبهم بالاستسلام، مهددًا بمصير مشابه لبغداد. وكان كثير من أمراء المماليك في حالة تردد وخوف، لكن قطز قرر أن يتصدى لهذا الزحف مهما كان الثمن.

إعلان المقاومة واستعداد المعركة

جمع قطز العلماء، وعلى رأسهم العز بن عبد السلام، واستشارهم في الموقف. فأفتوا بوجوب الجهاد، حتى لو كان السلطان عبدًا مملوكًا. بدأ قطز بجمع الجيوش، وأمر بفرض ضرائب مؤقتة على الأغنياء لتمويل الحملة، وأعاد تنظيم الجيش المملوكي.

أرسل المغول رسالة تهديد إلى قطز، فيها كلمات قاسية ووعيد بالفناء، لكن قطز لم يتردد، وقتل رسلهم في موقف صارم، وأعلن بدء المواجهة.

معركة عين جالوت: المعركة الفاصلة

في 25 رمضان سنة 658هـ (3 سبتمبر 1260م)، التقى جيش المسلمين بقيادة قطز وجيش المغول بقيادة كتبغا، في سهل عين جالوت بفلسطين. كانت المواجهة مصيرية، لأن سقوط مصر يعني سقوط العالم الإسلامي كله.

استخدم قطز خطة عسكرية ذكية، حيث خبأ جزءًا من جيشه خلف التلال، وبعد اشتداد المعركة، انقضّ بهم على جيش المغول من الخلف. وصاح صيحته المشهورة: وا إسلاماه!، فاشتعلت الحمية في القلوب، واندفع الجنود بقوة الإيمان.

انتهت المعركة بانتصار ساحق للمسلمين، ومقتل كتبغا، القائد المغولي. وكانت هذه أول هزيمة كبيرة للمغول في تاريخهم، وأعاد هذا النصر الثقة للأمة الإسلامية.

ما بعد النصر ووفاته الغامضة

بعد النصر، عاد قطز إلى القاهرة ليبدأ عهدًا جديدًا من إعادة بناء الدولة. لكن بعد أسابيع فقط، قُتل في ظروف غامضة في طريق عودته، ويُعتقد أن بيبرس، أحد قادة جيشه، كان له دور في ذلك، لينفرد بالحكم لاحقًا.

ورغم قِصر مدة حكمه، فإن إنجازه كان تاريخيًا، وقد غيّر مسار الأمة الإسلامية إلى الأبد.

صفات قطز القيادية

  • الحسم والشجاعة: لم يتردد في إعلان الجهاد حين خاف الجميع.
  • الإخلاص: سعى لإنقاذ الأمة لا لجمع المال أو السلطة.
  • الحكمة: جمع العلماء، وحشد الشعب، وخطط للمعركة بعقل.
  • التواضع: لم يتكبر رغم سلطته، وكان محبوبًا بين جنوده.

الدروس المستفادة من قصة قطز

  • لا يأس مع الإيمان: حتى في أحلك الظروف، يمكن النهوض.
  • القيادة مسؤولية وليست مكانًا للترف.
  • القرار الشجاع قد يغيّر مجرى التاريخ.
  • الأمة بحاجة إلى رجال يقدّمون مصلحتها على أنفسهم.

أسئلة للفهم والتأمل

  1. من هو قطز وما أصل نشأته؟
  2. كيف تعامل مع رسالة تهديد المغول؟
  3. ما الخطة التي استخدمها في معركة عين جالوت؟
  4. لماذا اعتُبر انتصاره نقطة تحول في تاريخ الأمة؟
  5. ما أبرز صفاته كقائد ومسلم؟

خاتمة

سيف الدين قطز هو بطل من طراز خاص، قاد أمة جريحة إلى النصر، وقلب موازين القوى العالمية. قصة قطز تذكرنا أن القيادة ليست بالدماء الزرقاء، بل بالإخلاص والإيمان والعمل. إنه رجل لم يُمنح الوقت الكافي ليُكمل مسيرته، لكن ما فعله في عام واحد يعادل تاريخ أمة.

تعليقات

عدد التعليقات : 0