أَبُو الْعِبَاسِ الْبَتَّانِيُّ: «نَجْمُ الْأَرْقَامِ»

أَبُو الْعِبَاسِ الْبَتَّانِيُّ: «نَجْمُ الْأَرْقَامِ» وَمُلْهَمُ الْفَلَكِ تُعَدُّ سِيرَةُ أَبِي الْعِبَاسِ أَحْمَدِ بْنِ مُحَم…

أَبُو الْعِبَاسِ الْبَتَّانِيُّ: «نَجْمُ الْأَرْقَامِ»
المؤلف team

أَبُو الْعِبَاسِ الْبَتَّانِيُّ

أَبُو الْعِبَاسِ الْبَتَّانِيُّ: «نَجْمُ الْأَرْقَامِ» وَمُلْهَمُ الْفَلَكِ

تُعَدُّ سِيرَةُ أَبِي الْعِبَاسِ أَحْمَدِ بْنِ مُحَمَّدِ الْبَتَّانِيِّ (858–929 م) مِن أَجْمَلِ حِكايا الْعُلَماءِ فِي التَّارِيخِ الْإِسْلَامِيِّ. لُقِّبَ بـ«نَجْمِ الْأَرْقَامِ» لِبُرْعَتِهِ الَّتِي نَفَذَتْ إِلَى جَوْهِرِ الْفَلَكِ وَدِقَّتِهِ بِحُسْبَانِ مَوَاقِعَ النُّجُومِ وَالْكَوَاكِبِ.

الطِّفولَةُ وَأُولَى التَّسَاؤُلاتِ

وُلِدَ فِي بَلْدَةِ الْبَتَّانَةِ قُرْبَ حَلَبَ سَنَةَ 858 م. كَانَ يَسْأَلُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ: «لماذَا تَلْمَعُ النُّجُومُ؟» وَ«لماذَا تَتَغَيَّرُ مَوَاقِعُهَا؟». عِنْدَ مُدَّةِ تِسْعِ سَنَوَاتٍ، انْقَطَعَتِ الْكَهْرَبَاءُ فِي الْقَرْيَةِ، فَقَضَى اللَّيْلَ كُلَّهُ مُرَاقِبًا لِلْفَلَكِ بِعَينَيْهِ الصَّغِيرَتَيْنِ، بَدءَ شُغْفًا بَلِيعًا.

رِحْلَةُ التَّعَلُّمِ بَيْنَ حَلَبَ وَبَغْدَادَ

تَعَلَّمَ كَبِيرًا عَلَى أَيْدِي عُلَمَاءِ حَلَبَ، وَمِنْ ثَمَّ سَارَ إِلَى بَغْدَادَ، حَيْثُ اجْتَمَعَ فِي بَيْتِ الْحِكْمَةِ مَعَ أَفْضَلِ العُلَماءِ. هُنَاكَ صَنَعَ أَدَوَاتٍ بَسِيطَةً بِيَدِهِ، مِثْلَ زُجَاجَاتٍ مَمْلُوءَةٍ بِالْمَاءِ لِقِيَاسِ الزَّوَايَا.

أَمَامَ لَوْحَةِ سَمَاءِ تَدُورُ بِدَوْرَانٍ، أَدْرَكَ أَنَّ مِلْكِيَّةَ الأرْضِ قَدْ انحَرَفَتْ بَقِيَاسٍ طَفِيفٍ قَطَّعَ مَنْثُورَ بَطْلِيمُوسَ، فَهُنَا وَعَدَ أَنَّهُ سَيُصْلِحُ سِتْرَةَ الْمَعْرِفَةِ.

مَغَامَرَةُ الْقِيَاسَاتِ وَجَدَاوِلُ الْكُسُوفِ

تَطَلَّبَ مَهَمَّتَهُ الْعِلْمِيَّةَ عَمَلًا شَاقًّا بِدِقَّةٍ عَالِيَةٍ، وَقَالَ:

  • سَنَةُ الْفَلَكِ: حَسِبَهَا بِقَدَرٍ دَقيقٍ 365.242198 يَوْمًا، بينما قَدَّرَهَا بَطْلِيمُوسُ 365.25 يَوْمًا.
  • مِيلُ مَدَارِ الشَّمْسِ: وَجَدَهُ يَقْرُبُ مِن 23°27′، وَهَذَا الْقِيَاسُ يَسْتَمِرُّ عَلَى اسْتِخْدَامِهِ حَتَّى الْيَوْمِ.
  • جَدَاوِلُ الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ: دَوَّنَهَا فِي كِتَابِهِ الْمُعْرُوفِ بِـ«الصَّوَانِيبِ» عَلَى مَدَى ثَلَاثِينَ عَامًا.

لِمَاذَا لُقِّبَ «نَجْمُ الْأَرْقَامِ»؟

لَمْ يَكُنْ اسْمًا عَابِرًا، بَلْ كَانَ نَجْمًا سَاطِعًا بِدِقَّةِ أَرْقَامِهِ وَحُسْمِ تَحْلِيلِهِ، فَعُرِفَ فِي سَمَاءِ الْعُلَماءِ، كَمَا تُعْرَفُ النُّجُومُ فِي سَمَاءِ الْلَيْلِ.

آثَارُهُ وَإِرْثُهُ الْبَاقِي

  • تَرْجَمَةُ الصَّوَانِيبِ: إِلَى الْلُّغَةِ اللَّاتِينِيَّةِ، وَأَثَّرَ فِي عُلَمَاءِ رِنِيسَانْسِ فَرَنْسَا وَإِيطَالْيَا.
  • مِنْهَجُهُ الدَّقِيقُ: أُعْتُبِرَ مِقْيَاسًا فِي الْفَلَكِ حَتَّى قِرْنِنَا الْحَاضِرِ.
  • إِلْهَامٌ لِلجِيلِ القَادِمِ: دَرْسٌ فِي الطُّمُوحِ، وَجِسْرٌ بَيْنَ النَّظَرِيِّ وَالْعَمَلِيِّ.

أَسْئِلَةٌ فِي طَرِيقِ التَّأَمُّلِ

  1. مَا الَّذِي أَعْجَبَكَ فِي سِيرَةِ «نَجْمِ الْأَرْقَامِ»؟
  2. كَيْفَ تُقَارِنُ دِقَّتَهُ فِي الْقِيَاسِ بِعَقْلِكَ الْيَوْمَ؟
  3. لَوْ كُنْتَ بَدَأْتَ رِحْلَةَ ملاحظةٍ فَلَكِيَّةٍ، فَأَيُّ أَدَاةٍ سَتَصْنَعُ؟

مَصَادِرٌ لِمَنْ يُرِيدُ التَّعَمُّقَ

تعليقات

عدد التعليقات : 0